إدارة الحياة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

آفاق بلا حدود - بحث في الهندسة النفس الإنسانية 5

اذهب الى الأسفل

آفاق بلا حدود - بحث في الهندسة النفس الإنسانية 5 Empty آفاق بلا حدود - بحث في الهندسة النفس الإنسانية 5

مُساهمة  Admin الجمعة مارس 25, 2011 10:19 am

اللغة
تمثل اللغة أحد المرشحات Filter (جمع مرشح، بكسر الميم وسكون الراء وفتح الشين) للمعلومات الواردة إلى الدماغ عن طريق الحواس. ونعني باللغة الكلام المسموع، أو المكتوب. ماذا تعني كلمة (غنى)؟ لكل شخص فهمه الخاص لهذه الكلمة. هل الغنى هو كثرة المال، أم القناعة(وهي كنز لا يفنى)، أم غنى النفس؟ ما هو (النجاح) هل هو الغنى، أم الزعامة، أم الاحترام، أم التفوق الرياضي، أم الإبداع الفني، أم الفوز بالجنة ونعيم الآخرة؟
هناك ثلاثة عيوب تتعلق بطريقة استخدامنا للغة مما يؤثر على إدراكنا وفهمنا للعالم:
العيب الأول: هو " التعميم " Generalization. نسمع البعض يقول: " لا يوجد أصدقاء مخلصون في هذه الأيام... أو " جميع الأفلام سيئة"... " كل شيء ارتفع سعره"... فلان دائماً مشاكس. ويمكن أن نسأل بدورنا: ألا يوجد صديق مخلص واحد في هذا العالم؟ .. ألا يوجد فيلم واحد جيد؟ ... ألا يوجد شيء واحد لم يرتفع سعره(الماء أو الهواء مثلاً) ؟ .. أليس هناك وقت أو ساعة لا يكون فيها فلان مشاكس؟ ... التعميم يقلل من الدقة التي ندرك بها العالم.
وكمثال على عملية التعميم قدرتنا على استخدام كلمة معينة مثل " سيارة " للدلالة على أنواع كثيرة من السيارات.
العيب الثاني: هو " الحذف " Deletion. نقول " سيارته تعطلت " ... " ضربه ابن الجيران".. " سافر عبد الله". أي نوع من السيارات تعطل، وما هو العطل الذي أصابها؟ من ضرب من، وأين ضربه وكيف ضربه؟ إلى أين سافر عبد الله، ومتى سافر، وكيف سافر؟ هنا نجد أن كثيراً من المعلومات قد حذفت ولكننا نكتفي بهمز رؤوسنا بنعم أولا؟ . فربما كانت سيارته قد نفد وقودها(أي ليس فيها خللل). وربما ضرب عَمْراَ لأن الأخير اعتدى على الأول. وربما لو كنا نعلم أن عبد الله قد سافر إلى الحج لما عتبنا عليه. فالحذف ينقص من إدراكنا للعالم كذلك. ولكننا (نمارس) هذا الحذف بطريقة لا واعية. اقرأ العبارات التالية بسرعة.
بيروت في
في الربيع
أرنب في
في الحديقة
ضربة في
في الصميم
ماذا قرأت الآن: بيروت في الربيع، أرنب في الحديقة، ضربة في الصميم، هناك احتمال كبير أنك حذفت ثلاث كلمات، كلمة " في " في كل عبارة من العبارات في المربع أعلاه. العيب الثالث: " التشويه" Distortion. نقول" من الواضح البين"... " هذا الشيء أفضل من ذاك" .. " ينقصه الاحترام". ونسأل: هو واضح وبين لمن؟ وأفضل بأي مقياس؟ وكيف ينقص الاحترام وبأي طريقة أو مقياس؟ أو أن نقول: " إن هذا الكتاب جيد" ... ثم نهز رؤوسنا بالموافقة. كيف كان الكتاب جيداً، وبأي مقياس ؟ هل هناك معنى حقيقي لقولنا " جيد" هنا؟ كثير من الأعمال الأدبية والفنية لا تعبر عن معنى حقيقي في هذا العالم، ولكننا نتقبلها ونستمتع بها.
التشويه: رسم يعبر عن مجسم لا يستطيع دماغ الإنسان أن يتصوره
إن لموضوع اللغة أثراً كبيراً على إدراكنا للعالم. لأننا نتلقى أكثر المعلومات في حياتنا عن طريق اللغة سماعاً أو قراءة. وكذلك نعبر عن أفكارنا ومشاعرنا وتجاربنا مستخدمين اللغة. وأي خطأ أو نقص في الأخذ أو العطاء يشوه إدراكنا للعالم، أو يحده. إن أحد أهداف هذا الكتاب هو إيضاح دور اللغة في حياة الإنسان وسيأتي تفصيل ذلك في فصول لاحقة.
المعتقدات والقيم:
سوف ترد في هذا الكتاب كلمة المعتقد، أو الاعتقاد، أو نظام الاعتقادSystem Belief. وكذلك الإيمان، أو نظام الإيمان. وما نقصده هنا من الاعتقاد أو الإيمان هو مفهومنا اللغوي العام، وليس المفهوم الشرعي أو الفقهي الخاص. فنحن نقول إن شخصاً ما (يؤمن) بأن مشاهدة التلفزيون تؤثر على تربية الأطفال. أو أن فلاناً(يعتقد) بأنه قادر على إنجاز العمل الموكول إليه. أو أن علاناً لا (يؤمن) بأنه يستطيع إلقاء المحاضرة. نقول هذا لأن أحد موضوعات الهندسة النفسية هو تغيير الاعتقاد أو تغيير الإيمان. فالإيمان بهذا المعنى اللغوي هو مفهوم محايد، يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب. فعندما أقول: إنني لا أصلح لذلك. وقد يكون إيماني هذا خطأ إذ من الممكن أن أغير هذا الإيمان أو الاعتقاد وأن أبدأ الطريق لأكون رياضياً محترفاً.
يمكن أن يعتقد الإنسان بعقائد تحد من إدراكه للعالم
إن هذه المعتقدات العامة تحد من إدراكنا للعالم. وإن نظام الإيمان والاعتقاد له أكبر الأثر في حياتنا، سلباً أو إيجابياً. فنرفض أموراً، ونقبل أخرى، بناء على إيماننا واعتقادنا بها. وقد يكون فيما نرفضه خير كثير، وفيما نقبله شر كثير، ونحن في الحالين لا نعلم (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم) (البقرة: 216). وإذا غيرنا الإنسان من إيمانه أو اعتقاده فإنه يغير إدراكه للعالم. ويضع الإنسان لنفسه حدوداً وقيوداً بسبب ما يؤمن به. ويمكنه توسيع تلك الحدود ورفع تلك القيود إذا غيرنا نظام الإيمان والاعتقاد لديه.
والقيم كذلك تحد من إدراكنا للعالم. ونعني بالقيم Values هنا ما نعتبره أموراً هامة، ونطلب من الآخرين الالتزام بها. ولهذه القيم مراتب ودرجات بعضها أربى من بعض، في بناء هرمي تكون في قمته أهم القيم، ثم تليها الأقل أهمية، ثم الأقل، وهكذا. وإذا تغيرت مواقع هذه القيم بالنسبة لبعضها البعض صعوداً وهبوطاً فإن خارطة العالم في الذهن تتغير تبعاً لذلك. فتتسع حدود العالم وتضيق، بحسب نوع التغيير في هرم القيم. فالصداقة قيمة، والصدق قيمة، ولكن أيهما أعلى مرتبة في سلم القيم؟ هل نضحي بالصديق في سبيل الصدق؟ أم نكذب لأجل الصداقة؟ ذلك يعتمد على موقع كل من القيمتين بالنسبة لبعضهما البعض. وسوف يرد لاحقاً في هذا الكتاب تفصيل أكبر لموضوع القيم والمعايير. وحسبنا هنا الإشارة إلى ما نحن فيه من العوامل التي تضع حدوداً وقيوداً على إدراكنا للعالم الذي نعيش فيه.
[justify]

Admin
Admin

المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 25/03/2011

https://almodarreb.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى